الجــارة |
خطواتُ الجارةِ على السلّم مثل قطرات ماء تـتـسـاقط بإيقاعٍ رتيبٍ يُربكُ الغفوةَ ، أعرفها لإدماني على سماعها كل ليلة في مثل هذا الوقت ، أسمعُ صوت المفتاح يولَجُ في ثـقـب الباب وصوت
ارتطام الحقيبة اليدوية على الكرسي ثم انسدال ستارة ، فـسكوناً يُوحشُ المؤانسة . العزلةُ تـنـثّ رذاذاً دبقاً ، أحاولُ الهروب منه بالاختباء تحت الشرشفِ فأصطدم بجسدي المتجمر بالحمى ، أرهفُ السمع إلى
صوت الأنامل وهي تـفـتـح أزرارَ القميص بـإيقاعٍ بطـــــــــــــــــــــيءٍ مثل أغنيةٍ منسيةٍ تـتـسـلـلُ عنوةً إلى حنجرة مكتظةٍ بالعويل ، وبرشاقةِ دُلـفـين ينزلق جسدُ الجارة تحت الغطاء . في تلك
اللحظة يكون جسدي كتلةً من جمادٍ تحكمه ظروف العدم فيتحرك وفق قانون الحالة . غـائـصـاً في الجنون وجدتـنـي أقـفُ عند باب الجارة والأرض تـنـذرُ بزلزالٍ مرعب ، لم أعد أتذكر إن كنتُ قد طرقتُ الباب أم لا ، لكنّ نبلةً من شعاعٍ اخترقتِ العين السحرية ثم انفتح الباب بفرجةٍ صغيرة تكفي للعين أن
ترصد المتخفي وتكفي للوهم أن يتجسد فـيسطعُ نـهـدٌ أُفـلـتَ من قميص النوم الشفاف . لا أدري مَنْ منّا أرتدّ أنا أم هي أم الأرض التي تحـتـنـا ؟ قـلـتُ بصوتٍ متلعثمٍ كأنه خارجٌ من مغاور عميقةٍ : " سيدتي آنستُ ناراً فجئتُ أطلب جذوةً " " اخلعْ جسدكَ وتعال " قالت وقد أفـلـتتْ كفّها قبضةَ الباب فاتسعتِ الفجوة وأطلت قامةٌ عارية أغـشـتْ بصري ، ولكن حينما هممتُ بالدخول صدّتـنـي وأغلـقـتِ البابَ وهي ترددُ بغنجٍ : " اخلعْ جسدكَ وتعال ! " أيها العدم المبصرُ في عتمة الوجود كيف لي أن أخلع جسدي ؟ أيتها الجارة المستأنسة بوحدتها كيف لي أن أرى جمالك دونما جسدٍ ؟ في تلك اللحظة كان جسدي طافياً على موجةِ نارٍ مثل قصبةٍ مثقوبةٍ تصفر فيها الشهوة . وكنتُ كملكٍ مخلوعٍ يُـبـحـرُ في الضحضاحِ إلى المنفى . 6 / 10 / 1997 فايله
|