السيرك |
ساحرٌ يجرّدُ المكانَ من أطنابهِ ويعلّقهُ في غيمةٍ عابرةٍ آمراً نمرَهُ الأبيضَ بلحسِ نهدي الحسناء التي اضطجعتْ على
الغيمةِ تضربُ الفراغَ بسوطها فيصهلُ ويضحكُ الحاضرون . كاعبٌ معلّقةٌ في الهواء تنثُ طلاًّ من أنوثتها على صحراءِ الخيمةِ الغافلة فتتحركُ الرمالُ الرامضة بأعشابِ الصرخات، تهبطُ بحبلٍ أزرق فتضيءُ ما
تبقى من مكانٍ بشررٍ يتطايرُ من جسدها حتى تضيقَ الأنفاسُ ولم تُسمع نأمةٌ غير أسنانِ الجرذان التي تقرضُ الأسمال المكدسةِ على بعضها . الكاعبُ تدلقُ نهراً عليها وتحتجبُ بالماء ثوانيَ ثم تتجلى وما بين
نهديها شجرةٌ تحترق . كانت العيون المستفَزةُ تنفثُ بخاراً ، وغرةٌ من الشبق ضنكتِ الفضاء . المهرجُ الذي يرتدي هواءً لايزالُ يمشي على الشفرات [ تقولُ أمي إن الدمَ يفسدُ تأويلَ الحلم ]. الساحرُ والمهرجُ
والسعادينَ التي تتصارخُ والحاضرون نسوا أن المكانَ الذي علّقهُ الساحرُ اختفى مع الغيمةِ العابرة . بقعةُ ضوءٍ تقطعُ الظلامَ من جهةٍ إلى أخرى ، كانَ السيدُ المسيح يحملُ صليباً ملطخاً بشيءٍ يشبهُ
الحنّاء ، وكانتْ قطراتٌ من ضوءٍ تتساقطُ من جبينهِ فتضيءُ بقعةَ الضوءِ التي تضيءُ الظلام. همستْ امرأةٌ في أذنِ جارتها " خطيّه " ، " نعم " أجابتْ الأخرى وهي تسعلُ من حبّة ذرة . أضيءَ اللامكانَ
فتلاشى السيدُ المسيحُ ونهضَ الحاضرونَ ينفضونَ أرواحهم فامتلأتِ الخيمةُ بالهباء . كنتُ وحدي جالساً أرقبُ المهرجَ الذي انشغلَ بإزالةِ الأصباغَ عن وجههِ . كنتُ أبحثُ عن شيءٍ في جيبي المثقوبِ كمَنْ يبحثُ
عن حبّةِ بطيخ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 9/4/1995 فايله
|